إبراهيم عيسى يكتب: مغلقة للصلاة
Page 1 of 1
20110829
إبراهيم عيسى يكتب: مغلقة للصلاة
إبراهيم عيسى
هل تصدق أن جلسة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر مع مرشحى الرئاسة ورؤساء عدد من الأحزاب منذ أيام فاتت، ناقشت جواز تأخير الصلاة؟
هناك طلب بالغوث من كل التيارات والقوى المصرية للأزهر بأن ينقذ الساحة
الدينية فى مصر من الغلو والتطرف واستغلال الدين فى مآرب السياسة، ولعله
نوع من التورط أن يستعين البعض بمؤسسة دينية للفصل فى خلافات السياسة، لكن
الحقيقة أن التيارات الإسلامية، سواء الإخوان المسلمون أو السلفيون أو
الجماعة الإسلامية، لم يتركوا سنتيمترا واحدا فى أى حوار سياسى دار فى
البلد منذ ثورة 25 يناير إلا وأدخلوا الدين فيه، وتطورت الحالة الذهنية
للإسلاميين من الحديث عن الدين للحديث باسم الدين، ومن الاختلاف مع الآخرين
إلى اتهام الآخرين!
عموما يبقى دخول الأزهر بثقله مهما ومؤثرا وربما مغيرا لجغرافيا
التيارات الإسلامية فى مصر، فهو يدخل بفكره وبمذهبه الأشعرى الذى يخاصمه،
بل يضعه متطرفون محل طعن واتهام، ومن ثم الجدل والمناقشات والمناظرات قادمة
لا محالة، وهو خير للعقل المصرى الذى يجب أن يسمع ويعى ويستوعب ويبنى
رؤيته وموقفه، بناء على المعروضات الفكرية والفقهية.
إذن كانت مصر السياسية كلها حاضرة تقريبا فى مكتب الإمام الأكبر شيخ
الأزهر لمناقشة تلك الوثيقة التى أعدتها مؤسسة الأزهر للتوافق على أفكار
أساسية ينطلق منها إعداد الدستور القادم، بحيث نتجاوز الخلافات المعطلة
والتناحرات المعوقة ونحتكم إلى مبادئ وضعها موضع ثقة كما أنه أيضا موضع علم
وفقه، وعلى قدر أهمية هذا الحدث كان ذلك الاجتماع مع القيادات السياسية
التى شغلت كثيرين فى البلد لكنها استغرقت وقتا فى مناقشة جواز الشرع تأخير
الصلاة عن أول موعدها. لعلنا جميعا رأينا خلال العشرين عاما الماضية هذا
المشهد يتنامى ويتعدد ويصبح قاعدة وظاهرة كجزء من مظاهر التدين الشكلى من
إطالة اللحى ولبس الجلاليب والنقاب، حيث موظفون فى شركات ومصالح يسارعون
بمجرد أذان الظهر إلى الوضوء والصلاة جماعة فى طرقات العمل فى نوع من الورع
المبذول جهدا فى محاولة إظهاره، وربما يكون عند البعض مبرر للتعطل عن
العمل والراحة عن خدمة الناس والتحجج بالصلاة، واكفر بقى واعترض على صلاة
الرجل، ثم هى صلاة جماعة تدهشك أن صلاتهم لم تجعلهم يتقنون عملا أو يخلصون
فيه أو يكفون عن الشخط والنطر والتسويف والتأجيل لمصالح المواطنين، والأنكى
أن الصلاة الظاهرة الجامعة لم تقف أبدا حائلا أمام تلقى هذه المؤسسات
وموظفيها الرشاوى، ولعله من الواجب أن يكون هناك موعد محدد للراحة خلال
ساعات العمل حتى يصلى فيه من يريد ويكون معلوما أن هذه فترة راحة.
ما لازمة هذا الكلام وعلاقته باجتماع مشيخة الأزهر، لقد أذن لصلاة الظهر
فى أثناء اجتماع شيخ الأزهر مع مرشحى الرئاسة ورؤساء الأحزاب، بمن فيهم
جميع رؤساء الأحزاب الإسلامية فطلب أحد رؤساء الأحزاب الإسلامية المعبرة عن
التيار الأقدم أن يقوم المجتمعون لصلاة الظهر، فسأل الشيخ أحمد الطيب
الحضور: «هل تفضلون الصلاة الآن أم ننتظر حتى ننتهى ونؤدى الصلاة قبل موعد
صلاة العصر؟»، فوافق الأغلبية على الانتظار حتى الانتهاء من الجلسة فى حين
فضل عدد قليل من الحضور أن يؤدوا الصلاة فورا وتحججوا بأنه لا بد من أداء
الصلاة فى موعدها. شيخ الأزهر لعلمه وفقهه وعقله المستنير قال لهم: «نحن
الآن فى شدائد الأمور ويجوز فى مثل هذه الظروف أن ننتظر حتى انتهاء
الجلسة».
ودلل شيخ الأزهر بأحاديث نبوية شريفة عن وقت الصلاة الممتد، وعن جواز
التأخير لأسباب شرعية منطقية كثيرة، ومن المؤكد أن شيخ الأزهر اعتبر أن
مناقشة وثيقة مصيرية للبلد وتدرأ عنها خطرا وترفع عنها بلاء وتفتح لها نورا
من المهام التى تستلزم الانتهاء من الحوار حولها ثم الصلاة ما دام الوقت
لم يفت.
هل يمكن أن تعتبر الرغبة فى الصلاة بمجرد الأذان استعراضا أو مزايدة على
إيمان والتزام شيخ الأزهر أم هدفها إظهار الاختلاف عن شخصيات سياسية أخرى،
كأنها بما أنها لم تقف على حيلها متحمسة للصلاة فورا وحالا فهى علمانية
أقل إيمانا والتزاما!
الله أعلم بالقلوب لكننا أمام المظاهر التى يبدو أن هذا التيار حريص
عليها جدا، بل ويحاسب الآخرين على هذه المظاهر كأن الدين لم يعد جوهرا
ومضمونا، وكأن التدين لم يعد علاقة بين السياسى وربه، بل صار فى حاجة إلى
ختم من شيخ سلفى أو عضو مكتب إرشاد!
الغرام الغريب بالتشدد والالتزام الأغرب بمظاهر بالتدين جعل البعض من
المشاركين فى الاجتماع لا ينصت لشيخ الأزهر ودرسه العلمى الفقهى البليغ
وقاموا، فصلى بعضهم وراء أحدهم!
لن أقول أسماء هؤلاء ولن أقول أيضا من صلى خلف الإمام الأكبر صلاة الظهر بعد انتهاء الجلسة، لكن سأقول حرما!
هذه عينة بسيطة معبرة عما سنعيشه فى عالم السياسة خلال الشهور وربما السنوات القادمة، حيث سنغلق سياسة مصر فى مواعيد الصلاة!
هل تصدق أن جلسة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر مع مرشحى الرئاسة ورؤساء عدد من الأحزاب منذ أيام فاتت، ناقشت جواز تأخير الصلاة؟
هناك طلب بالغوث من كل التيارات والقوى المصرية للأزهر بأن ينقذ الساحة
الدينية فى مصر من الغلو والتطرف واستغلال الدين فى مآرب السياسة، ولعله
نوع من التورط أن يستعين البعض بمؤسسة دينية للفصل فى خلافات السياسة، لكن
الحقيقة أن التيارات الإسلامية، سواء الإخوان المسلمون أو السلفيون أو
الجماعة الإسلامية، لم يتركوا سنتيمترا واحدا فى أى حوار سياسى دار فى
البلد منذ ثورة 25 يناير إلا وأدخلوا الدين فيه، وتطورت الحالة الذهنية
للإسلاميين من الحديث عن الدين للحديث باسم الدين، ومن الاختلاف مع الآخرين
إلى اتهام الآخرين!
عموما يبقى دخول الأزهر بثقله مهما ومؤثرا وربما مغيرا لجغرافيا
التيارات الإسلامية فى مصر، فهو يدخل بفكره وبمذهبه الأشعرى الذى يخاصمه،
بل يضعه متطرفون محل طعن واتهام، ومن ثم الجدل والمناقشات والمناظرات قادمة
لا محالة، وهو خير للعقل المصرى الذى يجب أن يسمع ويعى ويستوعب ويبنى
رؤيته وموقفه، بناء على المعروضات الفكرية والفقهية.
إذن كانت مصر السياسية كلها حاضرة تقريبا فى مكتب الإمام الأكبر شيخ
الأزهر لمناقشة تلك الوثيقة التى أعدتها مؤسسة الأزهر للتوافق على أفكار
أساسية ينطلق منها إعداد الدستور القادم، بحيث نتجاوز الخلافات المعطلة
والتناحرات المعوقة ونحتكم إلى مبادئ وضعها موضع ثقة كما أنه أيضا موضع علم
وفقه، وعلى قدر أهمية هذا الحدث كان ذلك الاجتماع مع القيادات السياسية
التى شغلت كثيرين فى البلد لكنها استغرقت وقتا فى مناقشة جواز الشرع تأخير
الصلاة عن أول موعدها. لعلنا جميعا رأينا خلال العشرين عاما الماضية هذا
المشهد يتنامى ويتعدد ويصبح قاعدة وظاهرة كجزء من مظاهر التدين الشكلى من
إطالة اللحى ولبس الجلاليب والنقاب، حيث موظفون فى شركات ومصالح يسارعون
بمجرد أذان الظهر إلى الوضوء والصلاة جماعة فى طرقات العمل فى نوع من الورع
المبذول جهدا فى محاولة إظهاره، وربما يكون عند البعض مبرر للتعطل عن
العمل والراحة عن خدمة الناس والتحجج بالصلاة، واكفر بقى واعترض على صلاة
الرجل، ثم هى صلاة جماعة تدهشك أن صلاتهم لم تجعلهم يتقنون عملا أو يخلصون
فيه أو يكفون عن الشخط والنطر والتسويف والتأجيل لمصالح المواطنين، والأنكى
أن الصلاة الظاهرة الجامعة لم تقف أبدا حائلا أمام تلقى هذه المؤسسات
وموظفيها الرشاوى، ولعله من الواجب أن يكون هناك موعد محدد للراحة خلال
ساعات العمل حتى يصلى فيه من يريد ويكون معلوما أن هذه فترة راحة.
ما لازمة هذا الكلام وعلاقته باجتماع مشيخة الأزهر، لقد أذن لصلاة الظهر
فى أثناء اجتماع شيخ الأزهر مع مرشحى الرئاسة ورؤساء الأحزاب، بمن فيهم
جميع رؤساء الأحزاب الإسلامية فطلب أحد رؤساء الأحزاب الإسلامية المعبرة عن
التيار الأقدم أن يقوم المجتمعون لصلاة الظهر، فسأل الشيخ أحمد الطيب
الحضور: «هل تفضلون الصلاة الآن أم ننتظر حتى ننتهى ونؤدى الصلاة قبل موعد
صلاة العصر؟»، فوافق الأغلبية على الانتظار حتى الانتهاء من الجلسة فى حين
فضل عدد قليل من الحضور أن يؤدوا الصلاة فورا وتحججوا بأنه لا بد من أداء
الصلاة فى موعدها. شيخ الأزهر لعلمه وفقهه وعقله المستنير قال لهم: «نحن
الآن فى شدائد الأمور ويجوز فى مثل هذه الظروف أن ننتظر حتى انتهاء
الجلسة».
ودلل شيخ الأزهر بأحاديث نبوية شريفة عن وقت الصلاة الممتد، وعن جواز
التأخير لأسباب شرعية منطقية كثيرة، ومن المؤكد أن شيخ الأزهر اعتبر أن
مناقشة وثيقة مصيرية للبلد وتدرأ عنها خطرا وترفع عنها بلاء وتفتح لها نورا
من المهام التى تستلزم الانتهاء من الحوار حولها ثم الصلاة ما دام الوقت
لم يفت.
هل يمكن أن تعتبر الرغبة فى الصلاة بمجرد الأذان استعراضا أو مزايدة على
إيمان والتزام شيخ الأزهر أم هدفها إظهار الاختلاف عن شخصيات سياسية أخرى،
كأنها بما أنها لم تقف على حيلها متحمسة للصلاة فورا وحالا فهى علمانية
أقل إيمانا والتزاما!
الله أعلم بالقلوب لكننا أمام المظاهر التى يبدو أن هذا التيار حريص
عليها جدا، بل ويحاسب الآخرين على هذه المظاهر كأن الدين لم يعد جوهرا
ومضمونا، وكأن التدين لم يعد علاقة بين السياسى وربه، بل صار فى حاجة إلى
ختم من شيخ سلفى أو عضو مكتب إرشاد!
الغرام الغريب بالتشدد والالتزام الأغرب بمظاهر بالتدين جعل البعض من
المشاركين فى الاجتماع لا ينصت لشيخ الأزهر ودرسه العلمى الفقهى البليغ
وقاموا، فصلى بعضهم وراء أحدهم!
لن أقول أسماء هؤلاء ولن أقول أيضا من صلى خلف الإمام الأكبر صلاة الظهر بعد انتهاء الجلسة، لكن سأقول حرما!
هذه عينة بسيطة معبرة عما سنعيشه فى عالم السياسة خلال الشهور وربما السنوات القادمة، حيث سنغلق سياسة مصر فى مواعيد الصلاة!
Similar topics
» إبراهيم عيسى يكتب: لا لبدلة أنور وجدى!
» إبراهيم عيسى يكتب: لن نتفق دعونا إذن نتوافق!
» النائب العام يأمر بحبس إبراهيم سليمان 15 يوما على ذمة التحقيقات في قضية "سوديك"
» النائب العام يأمر بحبس إبراهيم سليمان 15 يوما على ذمة التحقيقات في قضية "سوديك"
» استقالة ناجح إبراهيم وكرم زهدي مؤسسا الجماعة الإسلامية بعد خلافات داخلية
» إبراهيم عيسى يكتب: لن نتفق دعونا إذن نتوافق!
» النائب العام يأمر بحبس إبراهيم سليمان 15 يوما على ذمة التحقيقات في قضية "سوديك"
» النائب العام يأمر بحبس إبراهيم سليمان 15 يوما على ذمة التحقيقات في قضية "سوديك"
» استقالة ناجح إبراهيم وكرم زهدي مؤسسا الجماعة الإسلامية بعد خلافات داخلية
Permissions in this forum:
You cannot reply to topics in this forum