غزوات الرسول والنبى الكريم (سيدنا محمد) اللهم صلى عليه وسلم بالشرح المفصل وبالصور
Page 1 of 1
غزوات الرسول والنبى الكريم (سيدنا محمد) اللهم صلى عليه وسلم بالشرح المفصل وبالصور
نظرة على الغزوات
إذا نظرنا إلى غزوات النبي (صلى الله عليه وسلم) وبعوثه وسراياه ، لا يمكن
لنا ولا لأحد ممن ينظر في أوضاع الحروب وآثارها وخلفياتها ـ لا يمكن لنا
إلا أن نقول : إن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان أكبر قائد عسكري في
الدنيا ، وأشدهم وأعمقهم فراسة وتيقظاً ، إنه صاحب عبقرية فذة في هذا
الوصف ، كما كان سيد الرسل وأعظمهم في صفة النبوة والرسالة ، فلم يخض معركة
من المعارك إلا في الظرف ومن الجهة اللذين يقتضيهما الحزم والشجاعة
والتدبير ، ولذلك لم يفشل في أي معركة من المعارك التي خاضها لغلطة في
الحكمة وما إليها من تعبئة الجيش وتعيينه على المراكز الاستراتيجية ،
واحتلال أفضل المواضع وأوثقها للمجابهة ، واختيار أفضل خطة لإدارة دفة
القتال ، بل أثبت في كل ذلك أن له نوعاً آخر من القيادة غير ما عرفتها
الدنيا في القواد . ولم يقع ما وقع في أُحد وحنين إلا من بعض الضعف في
أفراد الجيش ـ في حنين ـ أو من جهة معصيتهم أوامره وتركهم التقيد والالتزام
بالحكمة والخطة اللتين كان أوجبهما عليهم من حيث الوجهة العسكرية .
وقد تجلت عبقريته (صلى الله عليه وسلم) في هاتين الغزوتين عند هزيمة
المسلمين ، فقد ثبت مجابهاً للعدو ، واستطاع بحكمته الفذة أن يخيبهم في
أهدافهم ـ كما فعل في أحد ـ أو يغير مجري الحرب حتى يبدل الهزيمة انتصاراً ـ
كما في حنين ـ مع أن مثل هذا التطور الخطير ، ومثل هذه الهزيمة الساحقة
تأخذان بمشاعر القواد ، وتتركان على أعصابهم أسوأ أثر ، لا يبقى لهم بعد
ذلك إلا هم النجاة بأنفسهم .
هذه من ناحية القيادة العسكرية الخالصة ، أما من نواح أخرى ، فإنه
استطاع بهذه الغزوات فرض الأمن وبسط السلام ، وإطفاء نار الفتنة ، وكسر
شوكة الأعداء في صراع الإسلام والوثنية ، وإلجائهم إلى المصالحة ، وتخلية
السبيل لنشر الدعوة ، كما استطاع أن يتعرف على المخلصين من أصحابه ممن هو
يبطن النفاق ، ويضمر نوازع الغدر والخيانة .
وقد أنشأ طائفة كبيرة من القواد ، الذين لاقوا بعده الفرس والرومان في
ميادين العراق والشام ، ففاقوهم في تخطيط الحروب وإدارة دفة القتال ، حتى
استطاعوا إجلاءهم من أرضهم وديارهم وأموالهم من جنات وعيون وزروع ومقام
كريم ونعمة كانوا فيها فاكهين.
كما استطاع رسول اللّه (صلى الله عليه وسلم) بفضل هذه الغزوات أن يوفر
السكنى والأرض والحرف والمشاغل للمسلمين ، حتى تَفَصَّى من كثير من مشاكل
اللاجئين الذين لم يكن لهم مال ولا دار ، وهيأ السلاح والكُرَاع والعدة
والنفقات ، حصل على كل ذلك من
غير أن يقوم بمثقال ذرة من الظلم والطغيان والبغي والعدوان على عباد اللّه .
وقد غير أغراض الحروب وأهدافها التي كانت تضطرم نار الحرب لأجلها في
الجاهلية ، فبينما كانت الحرب عبارة عن النهب والسلب والقتل والإغارة
والظلم والبغي والعدوان ، وأخذ الثأر ، والفوز بالوَتَر ، وكبت الضعيف ،
وتخريب العمران ، وتدمير البنيان ، وهتك حرمات النساء ، والقسوة بالضعاف
والولائد والصبيان ، وإهلاك الحرث والنسل ، والعبث والفساد في الأرض ـ في
الجاهلية ـ إذ صارت هذه الحرب ـ في الإسلام ـ جهاداً في تحقيق أهداف نبيلة ،
وأغراض سامية ، وغايات محمودة ، يعتز بها المجتمع الإنساني في كل زمان
ومكان ، فقد صارت الحرب جهاداً في تخليص الإنسان من نظام القهر والعدوان ،
إلى نظام العدالة والنَّصَف ، من نظام يأكل فيه القوي الضعيف ، إلى نظام
يصير فيه القوي ضعيفاً حتى يؤخذ منه ، وصارت جهاداً في تخليص
"وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ
الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ
الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل
لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا" [النساء:75] وصارت جهاداً في تطهير
أرض اللّه من الغدر والخيانة والإثم والعدوان ، إلى بسط الأمن والسلامة
والرأفة والرحمة ومراعاة الحقوق والمروءة .
كما شرع للحروب قواعد شريفة ألزم التقيد بها على جنوده وقوادها ، ولم يسمح
لهم الخروج عنها بحال . روى سليمان بن بريدة عن أبيه قال : كان رسول
اللّه إذا أمر أميراً على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى اللّه عز وجل ،
ومن معه من المسلمين خيراً ، ثم قال : ( اغزوا بسم اللّه ، في سبيل
اللّه ، قاتلوا من كفر باللّه ، اغزوا ، فلا تغلوا ، ولا تغدروا ، ولا
تمثلوا ، ولا تقتلوا وليداً ... ) الحديث_ رواه الترمذي (1408)
وصححه الألباني _ . وكان يأمر بالتيسير ويقول : ( يسروا ولا تعسروا ،
وسكنوا ولا تنفروا ) . رواه مسلم (1734)
وكان إذا جاء قوماً بِلَيْل لم يُغِرْ عليهم حتى يُصبِح ، ونهى أشد
النهي عن التحريق في النار ، ونهى عن قتل الصبر ، وقتل النساء وضربهن ،
ونهى عن النهب حتى قال : ( إن النُّهْبَى ليست بأحل من الميتة ) رواه
أبوداود (2705) وصححه الألباني ، ونهى عن إهلاك الحرث والنسل وقطع الأشجار
إلا إذا اشتدت إليها الحاجة ، ولا يبقى سواه سبيل . وقال عند فتح مكة
: ( لا تجهزن على جريح ، ولا تتبعن مدبراً ، ولا تقتلن أسيراً ) لم
أجده مرفوعا إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وأمضى السنة بأن السفير لا
يقتل ، وشدد في النهي عن قتل المعاهدين حتى قال : ( من قتل معاهداً لم
يُرِحْ رائحة الجنة ، وإن ريحها لتوجد من مسيرة أربعين عاماً )_ رواه
البخاري (2995) _، إلى غير ذلك من القواعد النبيلة التي طهرت الحروب من
أدران الجاهلية حتى جعلتها جهاداً مقدساً .
[center][center]<blockquote>1- غزوة ودان (الأبواء)</blockquote>
سبب الاسم:
</blockquote>كانت
هذه الغزاة المسماة بالأبواء أو ودان لقرب مابين الأبواء وودان ، إذ
مابينهما من مسافة قد لاتزيد على ستة أميال .وهى أول غزوة غزاها رسول الله
(صلى الله عليه وسلم) وكانت فى صفر وسببها أنه (صلى الله عليه وسلم) بلغه
مرور عير لقريش بالأبواء ووجود بن ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة فى
المنطقة فخرج لذلك بعد أن استخلف على المدينة سعد بن عبادة رضى الله عنه .
ولما وصل إلى ديار بنى ضمرة وادعته هذه القبيلة بواسطة سيدهم وصاحب الأمر
فيهم مخشى بن عمرو الضمرى . وفاتت عير قريش . فعاد (صلى الله عليه وسلم)
ولم يلق كيداً غير أنه أقام بالأبواء بقية صفر وعاد في ربيع الأول وكان
لواؤه (صلى الله عليه وسلم) فى هذه الغزوة أبيض يحمله عمه حمزة رضى الله
عنه
هذه الغزاة المسماة بالأبواء أو ودان لقرب مابين الأبواء وودان ، إذ
مابينهما من مسافة قد لاتزيد على ستة أميال .وهى أول غزوة غزاها رسول الله
(صلى الله عليه وسلم) وكانت فى صفر وسببها أنه (صلى الله عليه وسلم) بلغه
مرور عير لقريش بالأبواء ووجود بن ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة فى
المنطقة فخرج لذلك بعد أن استخلف على المدينة سعد بن عبادة رضى الله عنه .
ولما وصل إلى ديار بنى ضمرة وادعته هذه القبيلة بواسطة سيدهم وصاحب الأمر
فيهم مخشى بن عمرو الضمرى . وفاتت عير قريش . فعاد (صلى الله عليه وسلم)
ولم يلق كيداً غير أنه أقام بالأبواء بقية صفر وعاد في ربيع الأول وكان
لواؤه (صلى الله عليه وسلم) فى هذه الغزوة أبيض يحمله عمه حمزة رضى الله
عنه
[/center]
----------------------------
[center]<blockquote>2- غزوة بواط </blockquote> <blockquote>ومن كتاب البداية والنهاية للعلامة بن كثير </blockquote><blockquote>[center](قال ابن إسحاق : ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع الأول - يعني من السنة الثانية - يريد قريشا .
</blockquote>قال ابن هشام : واستعمل على المدينة السائب بن عثمان بن مظعون . وقال الواقدي : استخلف عليها سعد بن معاذ وكان رسول الله صلى الله عليه
وسلم في مائتي راكب وكان لواؤه مع سعد بن أبي وقاص ، وكان مقصده أن يعترض
لعير قريش وكان فيه أمية بن خلف ومائة رجل وألفان وخمسمائة بعير .
قال ابن إسحاق : حتى بلغ بواط من ناحية رضوى ، ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيدا ، فلبث بها بقية شهر ربيع الآخر وبعض جمادى الأولى .
ثم غزا قريشا . يعني بذلك الغزوة التي يقال لها : غزوة العشيرة . وبالمهملة والعشير وبالمهملة والعشيراء وبالمهملة .
قال ابن هشام : واستعمل على المدينة أبا سلمة بن عبد الأسد . قال الواقدي :
وكان لواؤه مع حمزة بن عبد المطلب . قال : وخرج ، عليه [ ص: 30 ] السلام ،
يتعرض لعيرات قريش ذاهبة إلى الشام .
قال ابن إسحاق فسلك على نقب بني دينار ، ثم على فيفاء الخبار فنزل تحت شجرة
ببطحاء ابن أزهر يقال لها : ذات الساق . فصلى عندها فثم مسجده ، فصنع له
عندها طعام ، فأكل منه وأكل الناس معه ، فرسوم أثافي البرمة معلوم هنالك ،
واستسقى له من ماء يقال له : المشيرب . ثم ارتحل فترك الخلائق بيسار ، وسلك
شعبة عبد الله ثم صب لليسار حتى هبط يليل ، فنزل بمجتمعه ومجتمع الضبوعة
ثم سلك فرش ملل حتى لقي الطريق بصخيرات اليمام ، ثم اعتدل به الطريق حتى
نزل العشيرة من بطن ينبع ، فأقام بها جمادى الأولى وليالي من جمادى الآخرة ،
ووادع فيها بني مدلج وحلفاءهم من بني ضمرة ثم رجع إلى المدينة ولم يلق
كيدا .
وقد قال البخاري : حدثنا عبد الله ثنا وهب ثنا شعبة عن أبي إسحاق قال : كنت
إلى جنب زيد بن أرقم ، فقيل له : كم غزا النبي صلى الله عليه وسلم من [ ص:
31 ] غزوة ؟ قال تسع عشرة . قلت : كم غزوة أنت معه ؟ قال سبع عشرة غزوة ،
قلت فأيهم كانت أول ؟ قال : العشير ، أو العسيرة ، فذكرت لقتادة ، فقال
العشيرة . وهذا الحديث ظاهر في أن أول الغزوات العشيرة ويقال بالسين .
وبهما مع حذف التاء . وبهما مع المد اللهم إلا أن يكون المراد غزاة شهدها
مع النبي صلى الله عليه وسلم زيد بن أرقم ، العشيرة ، وحينئذ لا ينفي أن
يكون قبلها غيرها لم يشهدها زيد بن أرقم ، وبهذا يحصل الجمع بين ما ذكره
محمد بن إسحاق وبين هذا الحديث . والله أعلم .
قال محمد بن إسحاق : ويومئذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي ما قال ،
فحدثني يزيد بن محمد بن خثيم عن محمد بن كعب القرظي ، حدثني أبو يزيد محمد
بن خثيم ، عن عمار بن ياسر ، قال : كنت أنا وعلي بن أبي طالب رفيقين في
غزوة العشيرة من بطن ينبع ، فلما نزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام
بها شهرا ، فصالح بها بني مدلج وحلفاءهم من بني ضمرة ، فوادعهم ، فقال لي
علي بن أبي طالب : هل لك يا أبا اليقظان أن نأتي هؤلاء النفر من بني مدلج ،
يعملون في عين لهم ننظر كيف يعملون ؟ فأتيناهم فنظرنا إليهم ساعة فغشينا
النوم ، فعمدنا إلى صور من النخل في دقعاء من الأرض [ ص: 32 ] فنمنا فيه ،
فوالله ما أهبنا إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم يحركنا بقدمه فجلسنا ،
وقد تتربنا من تلك الدقعاء ، فيومئذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي
: " يا أبا تراب " لما عليه من التراب ، فأخبرناه بما كان من أمرنا ، فقال
: " ألا أخبركم بأشقى الناس رجلين ؟ " قلنا : بلى يا رسول الله . فقال : "
أحيمر ثمود الذي عقر الناقة ، والذي يضربك يا علي على هذه - ووضع رسول
الله صلى الله عليه وسلم يده على رأسه حتى يبل منها هذه " . ووضع يده على
لحيته . وهذا حديث غريب من هذا الوجه وله شاهد من وجه آخر في تسمية علي أبا
تراب ، كما في صحيح البخاري أن عليا خرج مغاضبا فاطمة ، فجاء المسجد فنام
فيه فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألها عنه ، فقالت خرج مغاضبا ،
فجاء إلى المسجد فأيقظه وجعل يمسح التراب عنه ويقول : " قم أبا تراب قم أبا
تراب . )
[/center]
[center][center]<blockquote><blockquote>3- غزوة العشيرة </blockquote></blockquote>
<blockquote>سببها وموقعها
</blockquote>فىآخر جمادى الأولى وبعد عودته فى أول الشهر من غزوة بواط بلغ النبى (صلى
الله عليه وسلم) أن أكثر من عير لقريش - أى قوافل تجارية - ذاهبة إلى الشام
فعزم على السير إليها لعله يظفر ببعضها .
فخرج (صلى الله عليه وسلم) بعد أن استخلف على المدينة أبا سلمة بن عبد
الأسد ، وأعطى اللواء عمه حمزة بن عبد المطلب رضى الله عنه . وسار حتى نزل
العشيرة من بطن ينبع ولم يلق من عيرات قريش ولا عيراُ لفواتها ولكنه (صلى
الله عليه وسلم) وادع فيها بنى مدلج وحلفاءهم من بنى ضمرة فكان فى ذلك خير
للإسلام والمسلمين فأقام بالمنطقة بقية جمادى الأولى وليالى من جمادى
الآخرة وعاد إلى المدينة ولم يلق كيدا من أحد والحمد الله رب العالمين
[/center]
----------------------------
[center]<blockquote>4- غزوة بدر الأولى (سفوان)</blockquote>
[/center]
----------------------------
[center][center] <blockquote>[center]5- غزوة بدر الكبرى
[center]<blockquote>سبب الغزوة</blockquote>
قد أسلفنا في ذكر غزوة العشيرة أن عيراً لقريش أفلتت من النبي (صلى الله
عليه وسلم) في ذهابها من مكة إلى الشام ، ولما قرب رجوعها من الشام إلى مكة
بعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) طلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد إلى
الشمال ، ليقوما باكتشاف خبرها ، فوصلا إلى الحوراء ومكثا حتى مر بهما أبو
سفيان بالعير ، فأسرعا إلى المدينة ، وأخبرا رسول الله (صلى الله عليه
وسلم) بالخبر .
كانت العير مركبة من ثروات طائلة من أهل مكة ، ألف بعير موقرة بالأموال
لا تقل عن خمسين ألف دينار ذهبي ، ولم يكن معها من الحرس إلا نحو أربعين
رجلاً .
إنها فرصة ذهبية لعسكر المدينة ، وضربة عسكرية وسياسية واقتصادية قاصمة ضد
المشركين لو انهم فقدوا هذه الثروة الطائلة ، لذلك أعلن رسول الله (صلى
الله عليه وسلم) في المسلمين قائلاً : هذه عير قريش فيها أموالهم ، فاخرجوا
إليها لعل الله ينفلكموها .
ولم يعز على أحد الخروج ، بل ترك الأمر للرغبة المطلقة ، لما أنه لم يكن
يتوقع عند هذا الانتداب أن سيصطدم بجيش مكة _ بدل العير _ هذه الاصطدام
العنيف في بدر ، ولذلك تخلف كثير من الصحابة في المدينة ، وهم يحسبون أن
مضي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في هذا الوجه لن يعدوا ما ألفوه في
السرايا الماضية ، ولذلك لم ينكر على أحد تخلفه في هذه الغزوة .
مبلغ قوة الجيش الإسلامي وتوزيع القيادات
واستعد رسول الله(صلى الله عليه وسلم) للخروج ومعه ثلاثمائة وبضعة عشر
رجلاً ( 313،، 314، 317) ، 82 أو 83 أو 86 من المهاجرين ، و 61 من الأوس و
170 من الخزرج . ولم يحتفلوا لهذا الخروج احتفالاً بليغاً ، ولا اتخذوا
أهبتهم كاملة ، فلم يكن معهم إلا فرسان ، فرس للزبير بن العوام ، وفرس
للمقداد بن الأسود الكندي ، وكان معهم سبعون بعيراً ليعتقب الرجلان
والثلاثة على بعير واحد ، وكان رسول الله(صلى الله عليه وسلم) وعليّ ومرثد
بن أبي مرثد يعتقبون بعيراً واحداً.
واستخلف على المدينة وعلى الصلاة ابن أم مكتوم ، فلما كان بالروحاء ردّ أبا لبابة بن عبد المنذر واستعمله على المدينة .
ودفع لواء القيادة العامة إلى مصعب بن عمير القرشي العبدري ، وكان هذا اللواء أبيض .
وقسم جيشه إلى كتيبتين :
1_ كتيبة المهاجرين ، وأعطي علمها علي بن أبي طالب .
2_ كتيبة الأنصار ، وأعطى علمها سعد بن معاذ .
وجعل على قيادة الميمنة الزبير بن العوام ، وعلى الميسرة المقداد بن
عمرو _ وكانا هما الفارسين الوحيدين في الجيش كما أسلفنا _ وجعل على الساقة
قيس بن أبي صعصعة ، وظلت القيادة العامة في يده(صلى الله عليه وسلم)
كقائد أعلى للجيش .
<blockquote>الجيش الإسلامي يتحرك نحو بدر</blockquote>
سار رسول الله(صلى الله عليه وسلم) في هذا الجيش غير المتأهب ، فخرج من
نقب المدينة ، ومضى على الطريق الرئيسي المؤدي إلى مكة ، حتى بلغ بئر
الروحاء ولما ارتحل منها ، ترك طريق مكة بيسار وانحرف ذات اليمين على
النازية ( يريد بدراً ) فسلك في ناحية منها ، حتى جذع وادياً يقال له رحقان
، بين النازية وبين مضيق الصفراء ، ثم مر على المضيق ، ثم انصب منه حتى
قرب من الصفراء وهنالك بعث بسيس بن عمر الجهني وعدي بن أبي الزغباء الجهني
إلى بدر يتجسسان له أخبار العير .
النذير في مكة
وأما خبر العير فإن أبا سفيان _ وهو المسؤول عنها _ كان على غاية من
الحيطة والحذر ، فقد كان يعلم أن طريق مكة محفوف بالأخطار ، وكان يتحسس
الأخبار ، ويسـأل من لقي من الركبان ، ولم يلبث أن نقلت إليه استخباراته
بأن محمداً(صلى الله عليه وسلم) قد استنفر أصحابه ليوقع بالعير وحينئذ
استأجر أبو سفيان ضمضم بن عمرو الغفاري إلى مكة ، مستصرخاً لقريش بالنفير
إلى عيرهم ليمنعوه من محمد(صلى الله عليه وسلم) وأصحابه .
وخرج ضمضم سريعاً حتى أتى مكة ، فصرخ ببطن الوادي اقفاً على بعيره ، وقد
جدع أنفه وحول رحله وشق قميصه ، وهو يقول : يا معشر قريش اللطيمة ،
اللطيمة ، أموالكم مع أبي سفيان قد عرض لها محمد في أصحابه ، لا أرى أن
تدركوها ، الغوث الغوث .
<blockquote> أهل مكة يتجهزون للغزو</blockquote>
فتحفز الناس سراعاً ، وقالوا : أيظن محمد وأصحابه أن تكون كعير ابن
الحضرمي ؟ كلا ، والله ليعلمن غير ذلك ، فكانوا بين رجلين ، إما خارج ،
وإما باعث مكانه رجلاً وأوعبوا في الخروج فلم يتخلف من أشرافهم أحد سوى أبي
لهب ، فإنه عوض عنه رجلاً كان له عليه دين ، وحشدوا من حولهم من قبائل
العرب ، ولم يتخلف عنهم أحد من بطون قريش إلا بني عدي ، فلم يخرج منهم أحد .
<blockquote>قوام الجيش المكي</blockquote>
وكان قوام هذا الجيش نحو ألف وثلاثمائة مقاتل في بداية سيره ، وكان معه
مائة فرس وستمائة درع وجمال كثيرة لا يعرف عددها بالضبط ، وكان قائده العام
أبا جهل بن هشام ، وكان القائمون بتموينه تسعة رجال من أشراف قريش ،
فكانوا ينحرون يوما تسعاً ويوماً عشراً من الإبل .
مشكلة قبائل بني بكر
ولما أجمع هذا الجيش على المسير ، ذكرت قريش ما كان بينها وبين بني بكر
من العداوة والحرب ، فخافوا أن تضربهم هذه القبائل من الخلف ، فيكونوا بين
نارين ، فكاد ذلك يثنيهم ، ولكن حينئذ تبدى لهم إبليس في صورة سراقة بن
مالك بن جعشم المدلجي _ سيد بني كنانة _ فقال لهم : أنا لكم جار من أن
تأتيكم كنانة من خلفكم بشيء تكرهونه .
جيش مكة يتحرك
وحينئذ خرجوا من ديارهم ، كما قال الله : "بطراً ورئاء الناس ويصدون عن
سبيل الله "وأقبلوا كما قال رسول الله(صلى الله عليه وسلم) "بحدهم وحديدهم
، يحادون الله ويحادون رسوله "وقال تعالى "وغدوا على حردٍ قادرين "وعلى
حمية وغضب وحنق على رسول الله(صلى الله عليه وسلم) وأصحابه ، لا جتراء
هؤلاء على قوافلهم .
تحركوا بسرعة فائقة نحو الشمال في إتجاه بدر ، وسلكوا في طريقهم وادي
عسفان ، ثم قديد ، ثم الجحفة ، وهناك تلقوا رسالة جديدة من أبي سفيان يقول
لهم فيها : إنكم إنما خرجتم لتحرزوا عيركم ورجالكم وأموالكم ، وقد نجاها
الله فارجعوا .
العير تفلت
وكان من قصة أبي سفيان أنه كان يسير على الطريق الرئيسي ولكنه لم يزل
حذراً متيقظاً ، وضاعف حركاته الاستكشافية ، ولما اقترب من بدر تقدم عيره ،
حتى لقي مجدي بن عمرو ، وسأله عن جيش المدينة ، فقال : ما رأيت أحداً
أنكره ، إلا أني قد رأيت راكبين قد أناخا إلى هذا التل ، ثم استقيا في شن
لهما ، ثم انطلقا ، فبادر أبو سفيان إلى مناخهما ، فأخذ من أبعار بعيرهما ،
ففته ، فإذا فيه النوى ، فقال : هذا والله علائف يثرب ، فرجع إلى عيره
سريعاً ، وضرب وجهها محولاً اتجاهها نحو الساحل غرباً ، تاركاً الطريق
الرئيسي الذي يمر ببدر على اليسار . وبهذا نجا بالقافلة من الوقوع في قبضة
جيش المدينة ، وأرسل رسالته إلى جيش مكة التي تلقاها في الجحفة .
هم الجيش المكي بالرجوع ووقوع الانشقاق فيه:
ولما تلقى هذه الرسالة جيش مكة هم بالرجوع ، ولكن قام طاغية قريش أبو
جهل في كبرياء وغطرسة قائلاً : والله لا نرجع حتى نرد بدراً ، فنقيم بها
ثلاثاً فننحر الجزور ، ونطعم الطعام ، ونسقي الخمر ، وتعزف لنا القيان ،
وتسمع بنا بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا ، فلا يزالون يهابوننا أبداً .
ولكن على رغم أبي جهل أشار الأخنس بن شريق بالرجوع فعصوه ، فرجع هو وبنو
زهرة _وكان حليفاً لهم ورئيساً عليهم في هذا النفير _ فلم يشهد بدراً زهري
واحد ، وكانوا حوالي ثلاثمائة رجل واغتبطت بنوزهرة بعد رأي الأخنس بن شريق
، فلم يزل فيهم مطاعاً معظماً .
وأرادت بنو هاشم الرجوع ، فاشتد عليهم أبو جهل ، وقال : لا تفارقنا هذه العصابة حتى نرجع .
فسار بالجيش مكة وقوامه ألف مقاتل بعد رجوع بني زهرة _ وهو يقصد بدراً _
فواصل سيره حتى نزل قريباً من بدر ، وراء كثيب يقع بالعدوة القصوى على
حدود وادي بدر .
حراجة موقف الجيش الإسلامي
أما استخبارات جيش المدينة فقد نقلت إلى رسول الله(صلى الله عليه وسلم)
_ وهو لا يزال في الطريق بوادي ذفران _ خبر العير والنفير ، وتأكد لديه
بعد التدبر في تلك الأخبار أنه لم يبق مجال للاجتناب عن لقاء دام ، وأنه لا
بد من إقدام يبنى على الشجاعة والبسالة ، والجراءة ، والجسارة فمما لا شك
فيه أنه لو ترك جيش مكة يجوس خلال تلك المنطقة يكون ذلك تدعيماً لمكانة
قريش العسكرية ، وامتداداً لسلطانها السياسي ، وإضعافاً لكلمة المسلمين
وتوهيناً لها ، بل ربما تبقى الحركة الإسلامية بعد ذلك جسداً لا روح فيه ،
ويجرؤ على الشر كل من فيه حقد أو غيظ على الإسلام في هذه المنطقة .
وبعد هذا كله فهل يكون هناك أحد يضمن للمسلمين أن يمنع جيش مكة عن
مواصلة سيره نحو المدينة ، حتى ينقل المعركة إلى أسوارها ، ويغزو المسلمين
في عقر دارهم . كلا ، فلو حدث من جيش المدينة نكول ما لكان له أسوأ الأثر
على هيبة المسلمين وسمعتهم .
المجلس الاستشاري
ونظراً إلى هذا التطور الخطير المفاجئ عقد رسول الله(صلى الله عليه
وسلم) مجلساً عسكرياً استشارياً أعلى ، أشار فيه إلى الوضع الراهن ،
وتبادل فيه الرأي مع عامة جيشه ، وقادته ، وحينئذ تزعزع قلوب فريق من الناس
، وخافوا اللقاء الدامي ، وهم الذين قال الله فيهم "كما أخرجك ربك من بيتك
بالحق وإن فريقاً من المؤمنين لكارهون (5) يجادلونك في الحق بعد ما تبين
كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون "وأما قادة الجيش ، فقام أبو بكر الصديق
فقال وأحسن ، ثم قام عمر بن الخطاب فقال وأحسن ، ثم قام المقداد بن عمرو
فقال : (( يا رسول الله ، امض لما أراك الله فنحن معك ، والله لا نقول لك
كما قالت بنو إسرائيل لموسى : اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون ، ولكن
اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون ، فو الذي بعثك بالحق لو سرت بنا
إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه )) فقال له رسول الله(صلى
الله عليه وسلم) خيراً ودعا له به .
((أصل القصة رواها البخاري، كتاب التفسير))
وهؤلاء القادة الثلاثة كانوا من المهاجرين ، وهم أقلية في الجيش ، فأحب
رسول الله(صلى الله عليه وسلم) أن يعرف رأي الأنصار ، لأنهم كانوا يمثلون
أغلبية الجيش ولأن ثقل المعركة سيدور على كواهلهم ، مع أن نصوص العقبة لم
تكن تلزمهم بالقتال خارج ديارهم ، فقال بعد سماع كلام هؤلاء القادة الثلاثة
: (( أشيروا علي أيها الناس )) وإنما يريد الأنصار ، وفطن إلى ذلك قائد
الأنصار وحامل لوائهم سعد بن معاذ ، فقال :
والله لكأنك تريدنا يا رسول الله ؟
قال : أجل
قال : (( فقد آمنا بك ، فصدقناك ، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق ، وأعطيناك
على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة ، فامض يا رسول الله لما أردت
فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ، ما تخلف
منا رجل واحد ، وما نكره أن تلقى بنا عدواً غداً ، إنا لصبر في الحرب ، صدق
في اللقاء ، ولعل الله يريك منا ما تقر به عينك ، فسر بنا على بركة الله
)). رواه مسلم (1779)
وفي رواية أن سعد بن معاذ قال لرسول الله(صلى الله عليه وسلم) : لعلك
تخشى أن تكون الأنصار ترى حقاً عليها أن لا تنصرك إلا في ديارهم ، وإني
أقول عن الأنصار وأجيب عنهم ، فاظعن حيث شئت ، وصل حبل من شئت ، واقطع حبل
من شئت ، وخذ من أموالنا ما شئت ، وأعطنا ما شئت ، وما أخذت منا كان أحب
إلينا مما تركت ، وما أمرت فيه من أمر فأمرنا تبع لأمرك ، فو الله لئن سرت
حتى تبلغ البرك من غمدان لنسيرن معك ، و والله لئن استعرضت بنا هذا البحر
فخضته لخضناه معـــك .
فسر رسول الله(صلى الله عليه وسلم) بقول سعد ، ونشطه ذلك ، ثم قال :
سيروا وأبشروا ، فإن الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين : والله لكأني
الآن أنظر إلى مصارع القوم .البداية والنهاية (5/69) بإسناد صحيح
الجيش الإسلامي يواصل سيره
ثم ارتحل رسول الله(صلى الله عليه وسلم) من ذفران ، فسلك على ثنايا
يقال لها الأصافر ، ثم انحط منها إلى بلد يقال له الدية ، وترك الحنان
بيمين _ وهو كثيب عظيم كالجبل _ ثم نزل قريباً من بدر .
<blockquote>الرسول(صلى الله عليه وسلم) يقوم بعملية الاستكشاف</blockquote>
وهناك قام بنفسه بعملية الاستكشاف مع رفيقه في الغار أبي بكر الصديق رضي
الله عنه ، وبينما هما يتجولان حولا معسكر مكة ، إذا هما بشيخ من العرب ،
فسأله رسول الله(صلى الله عليه وسلم) عن قريش وعن محمد وأصحابه _ سأل عن
الجيشين زيادة في التكتم _ ولكن الشيخ قال : لا أخبركما حتى تخبراني ممن
أنتما ؟ فقال له رسول الله(صلى الله عليه وسلم) : إذا أخبرتنا أخبرناك ،
قال : أو ذاك بذلك ؟ قال : نعم .
قال الشيخ : فإنه بلغني أن محمداً وأصحابه خرجوا يوم كذا وكذا ، فإن كان
صدق الذي أخبرني فهو اليوم بمكان كذا وكذا _ للمكان الذي به جيش المدينة _
وبلغني أن قريشاً خرجوا يوم كذا وكذا ، فإن كان صدق الذي أخبرني فهم اليوم
بمكان كذا وكذا _ للمكان الذي به جيش مكة .
ولما فرغ من خبره قال : ممن أنتما ؟ فقال له رسول الله(صلى الله عليه
وسلم) نحن من ماء ، ثم انصرف عنه وبقي الشيخ يتفوه ، من ماء ؟ أمن ماء
العراق ؟
سيرة ابن هشام (2/228)
الحصول على أهم المعلومات عن الجيش المكي
وفي مساء ذلك اليوم بعث استخباراته من جديد ، ليبحث عن أخبار العدو ،
وقام لهذه العملية ثلاثة من قادة المهاجرين ، علي بن أبي طالب والزبير بن
العوام وسعد بن أبي وقاص في نفر من أصحابه ، ذهبوا إلى ماء بدر ، فوجدوا
غلامين يستقيان لجيش مكة ، فألقوا عليهما القبض وجاءوا بهما إلى رسول
الله(صلى الله عليه وسلم) ، وهو في الصلاة ، فاستخبرهما القوم ، فقالا :
نحن سقاة قريش بعثونا نسقيهم من الماء ، فكره القوم ورجوا أن يكونا لأبي
سفيان _ لا تزال في نفوسهم بقايا أمل في الاستيلاء على القافلة _ فضربوهما
موجعاً ، حتى اضطر الغلامان أن يقولا : نحن لأبي سفيان ، فتركوهما .
ولما فرغ رسول الله(صلى الله عليه وسلم) عن الصلاة قال لهم كالعاتب : إذ
صدقاكم ضربتموهما وإذا كذباكم تركتموهما ، صدقا والله ، إنهما لقريش .
ثم خاطب الغلامين قائلاً : أخبراني عن قريش ، قالا: هم وراء هذا الكثيب
الذي ترى بالعدوة القصوى ، فقال لهما : كم القوم ؟ قالا : كثير . قال : ما
عدتهم ؟ قالا : لا ندري ، قال : كم ينحرون كل يوم ؟ قالا : يوماً تسعاً
ويوماً عشراً ، فقال رسول الله(صلى الله عليه وسلم) : القوم فيما بين
التسعمائة إلى الألف ، ثم قال لهما : فمن فيهم من أشراف قريش ؟ قالا : عتبة
وشيبة ابنا ربيعة ، وأبو البخترى بن هشام ، وحكيم بن حزام ، ونوفل بن
خويلد ، والحارث بن عامر ، وطعيمة بن عدي ، والنضر بن الحارث وزمعة بن
الأسود وأبو جهل بن هشام ، وأمية بن خلف في رجال سمياهم .
فأقبل رسول الله(صلى الله عليه وسلم) على الناس ، فقال : هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها . رواه مسلم (1404)
نزول المطر
وأنزل الله عز وجل في تلك الليلة مطراً واحداً ، فكان على المشركين
وابلاً شديداً منعهم من التقدم ، وكان على المسلمين طلا طهرهم به ، وأذهب
عنهم رجس الشيطان ، ووطأ به الأرض ، وصلب به الرمل ، وثبت الأقدام ، ومهد
به المنزل ، وربط به على قلوبهم .
الجيش الإسلامي يسبق إلى أهم المراكز العسكرية
وتحرك رسول الله(صلى الله عليه وسلم) بجيشه ، ليسبق المشركين إلى ماء بدر ،
ويحول بينهم وبين الاستيلاء عليه ، فنزل عشاء أدنى ماء من مياه بدر ، وهنا
قام الحباب بن المنذر كخبير عسكري وقــال : يا رسول الله ، أرأيت هذا
المنزل ، أمنزلاً أنزلكه الله ، ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه ؟ أم هو
الرأي والحرب والمكيدة ؟ قال : بل هو الرأي والحرب والمكيدة ، قال : يا
رسول الله ، فإن هذا ليس بمنزل ، فانهض بالناس حتى نأتي أدنى ماء من القوم _
قريش _ فننزله وتغور _ أي نخرب _ ما وراءه من القلب ، ثم نبني عليه حوضاً ،
فنملأه ماء ، ثم نقاتل القوم ، فنشرب ولا يشربون ، فقال رسول الله(صلى
الله عليه وسلم) : لقد أشرت بالرأي .
فنهض رسول الله(صلى الله عليه وسلم) بالجيش ، حتى أتى أقرب ماء من
العدو ، فنزل عليه شطر الليل ، ثم صنعوا الحياض ، وغوَّروا ما عداها من
القلب .
((وهذه القصة تتقوى وترتفع إلى درجة الحسن انظرمرويات غزوة بدرص (164))
مقر القيادة
وبعد أن تم نزول المسلمين على الماء اقترح سعد بن معاذ على رسول
الله(صلى الله عليه وسلم) أن يبني المسلمون مقراً لقيادته ، استعداداً
للطوارئ ، وتقديراً للهزيمة قبل النصر ، حيث قال : (( يا نبي الله ألا نبني
لك عريشاً تكون فيه ، ونعد عندك ركائبك ، ثم نلقي عدونا ، فإن أعزنا الله
وأظهرنا على عدونا كان ذلك ما أحببنا ، وإن كانت الأخرى جلست على ركائبك ،
فلحقت بمن وراءنا من قومنا فقد تخلف عنك أقوام يا نبي الله ما نحن بأشد لك
حباً منهم ، ولو ظنوا أنك تلقى حرباً ما تخلفوا عنك يمنعك الله بهم ،
يناصحونك ، ويجاهدون معك ))
فأثنى عليه رسول الله(صلى الله عليه وسلم) خيراً ، ودعا له بخير ، وبنى
المسلمون عريشاً على تل مرتفع يقع في الشمال الشرقي لميدان القتال ، ويشرف
على ساحة المعركة . سيرة ابن هشام (2/233)
كما تم انتخاب فرقة من شباب الأنصار بقيادة سعد بن معاذ ، يحرسون رسول الله(صلى الله عليه وسلم) حول مقر قيادته .
تعبئة الجيش وقضاء الليل
ثم عبأ رسول الله(صلى الله عليه وسلم) جيشه ، ومشى في موضع المعركة ،
وجعل يشير بيده : هذا مصرع فلان غداً إن شاء الله ، وهذا مصرع فلان غداً إن
شاء الله .رواه مسلم (2873)
ثم بات رسول الله(صلى الله عليه وسلم) يصلي إلى جذع شجرة هنالك ، وبات
المسلمون ليلهم هادئ الأنفاس منير الآفاق ، غمرت الثقة قلوبهم ، وأخذوا من
الراحة قسطهم ، يأملون أن يروا بشائر ربهم بعيونهم صباحاً "إذ يغشيكم
النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز
الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام "
كانت هذه الليلة ليلة الجمعة ، السابع عشر من رمضان في السنة الثانية من الهجرة ، وكان خروجه في 8 أو 12 من نفس الشهر .
الجيش المكي في عرصة القتال ووقوع الانشقاق فيه
أما قريش ، فقضت ليلتها هذه في معسكرها بالعدوة القصوى ، ولما أصبحت
أقبلت في كتائبها ، ونزلت من الكثيب إلى وادي بدر ، وأقبل نفر منهم إلى حوض
رسول الله(صلى الله عليه وسلم) فقال : دعوهم فما شرب أحد منهم يومئذ إلا
قتل ، سوى حكيم بن حزام ، فإنه لم يقتل ، وأسلم بعد ذلك ، وحسن إسلامه ،
وكان إذا اجتهد في اليمين قال : لا والذي نجاني من يوم بدر ، فلما اطمأنت
قريش بعث عمير بن وهب الجمحي ، للتعرف على مدى قوة جيش المدينة ، فدار عمير
بفرسه حول العسكر ، ثم رجع إليهم فقال : ثلاثمائة رجل ، يزيدون قليلاً أو
ينقصون ، ولكن أمهلوني حتى أنظر أللقوم كمين أو مدد ؟ فضرب في الوادي حتى
أبعد ، فلم ير شيئاً فرجع إليهم فقال : ولكني قد رأيت يا معشر قريش البلايا
تحمل المنايا ، نواضح يثرب تحمل الموت الناقع ، قوم ليس معهم منعة ولا
ملجأ إلا سيوفهم ، والله ما أرى أن يقتل رجل منهم حتى يقتل رجلاً منكم ،
فإذا أصابوا منكم أعدادكم ، فما خير العيش بعد ذلك ، فروا رأيكم .
وحينئذ قامت معارضة أخرى ضد أبي جهل _ المصمم على المعركة _ تدعوا إلى
العودة بالجيش إلى مكة دونما قتال ، فقد مشى حكيم بن حزام في الناس ، وأتى
عتبة بن ربيعة فقال : يا أبا الوليد إنك كبير قريش ، وسيدها والمطاع فيها ،
فهل لك إلى خير تذكر به إلى آخر الدهر ؟ قال : وما ذاك يا حكيم ؟ قال :
ترجع بالناس ، وتحمل أمر حليفك عمرو بن الحضرمي _ المقتول في سرية نخلة _
فقــال : عتبة : قد فعلت ، أنت ضامن علي بذلك ، إنما هو حليفي فعلي عقله
ديته وما أصيب من ماله .
ثم قال عتبة لحكيم بن حزام ، فأت ابن الحنظلية _ أبا جهل ، والحنظلية أمه _ فإني لا أخشى أن يشجر أمر الناس غيره .
ثم قام عتبة بن ربيعة خطيباً فقال : يا معشر قريش ، إنكم والله ما
تصنعون بأن تلقوا محمداً وأصحابه شيئاً ، والله لئن أصبتموه لا يزال ينظر
في وجه رجل يكره النظر إليه ، قتل ابن عمه أو ابن خاله أو رجلاً من عشيرته ،
فارجعوا وخلوا بن محمد وبين سائر العرب ، فإن أصابوه فذاك الذي أردتم ،
وإن كان غير ذلك ألفاكم ولم تعرضوا منه ما تريدون .
وانطلق حكيم بن حزام إلى أبي جهل _ وهو يهيئ درعاً له _ قال يا أبا
الحكم إن عتبة أرسلني إليك بكذا وكذا ، فقال أبو جهل : انتفخ والله سحره
حين رأى محمداً وأصحابه ، كلا ، والله لا نرجع حتى يحكم الله بيننا وبين
محمد ، وما بعتبة ما قال ، ولكنه رأى أن محمداً وأصحابه أكلة جزور ، وفيهم
ابنه _ وهو أبو حذيفة بن عتبة كان قد أسلم قديماً وهاجر _ فتخوفكم عليه .
ولما بلغ قول أبي جهل : (( انتفخ والله سحره )) قال عتبة : سيعلم من
انتفخ سحره ، أنا أم هو؟ وتعجل أبو جهل مخافة أن تقوى هذه المعارضة ، فبعث
على إثر هذه المحاورة إلى عامر بن الحضرمي _ أخي عمرو بن الحضرمي المقتول
في سرية عبد الله بن جحش _ فقال : هذا حليفك ( أي عتبة ) يريد أن يرجع
بالناس ، وقد رأيت ثأرك بعينك ، فقم فانشد خفرتك ، ومقتل أخيك ، فقام عامر ،
فكشف عن استه ، وصرخ : واعمراه واعمراه فحمي القوم ، وحقب أمرهم ،
واستوثقوا على ما هم عليه من الشر وأفسد على الناس الرأي الذي دعاهم إليه
عتبة . وهكذا تغلب الطيش على الحكمة وذهبت هذه المعارضة دون جدوى .
الجيشان يتراءان
ولما طلع المشركون ، وترآى الجمعان قال رسول الله(صلى الله عليه وسلم)
"اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها ، تحادك وتكذب رسولك ، اللهم
فنصرك الذي وعدتني ، اللهم أحنهم الغــداة ". البداية والنهاية (5/83)
بهذااللفظ وأصل القصة رواها البخاري(3953)
وقد قال رسول الله(صلى الله عليه وسلم) _ ورأى عتبة بن ربيعة في القوم
على جمل له أحمر _ إن يكن في أحد من القوم خير فعند صاحب الجمل الأحمر ، إن
يطيعوه يرشدوا .
وعدل رسول الله(صلى الله عليه وسلم) صفوف المسلمين ، وبينما هو يعدلها
وقع أمر عجيب ، فقد كان في يده قدح يعدل به ، وكان سواد بن غزية مستنصلاً
من الصف ، فطعن في بطنه بالقدح وقـــال : " استو يا سواد " ، فقال سواد :
يا رسول الله أوجعتني فأقدني ، فكشف عن بطنه ، وقـــال : استقد ، فاعتنقه
سواد ، وقبل بطنه ، فقال : ما حملك على هذا يا سواد ؟ قال : يا رسول الله
قد حضر ما ترى ، فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك . فدعا له
رسول الله(صلى الله عليه وسلم) بخير .
رواه ابن إسحاق في سيرته ، وعبد الرزاق في مصنفه .
ولما تم تعديل الصفوف أصدر أوامره إلى جيشه بأن لا يبدأوا القتال حتى
يتلقوا منه الأوامر الأخيرة ، ثم أدلى إليهم بتوجيه خاص في أمر الحرب فقال :
" إذا أكثبوكم _ يعني كثروكم _ فارموهم ، واستبقوا نبلكم_ رواه البخاري _
ولا تسلوا السيوف حتى يغشوكم " _ وهذه الزيادة عند أبي داود وضعفها
الألباني ، ضعيف سنن أبي داود (2664) _، ثم رجع إلى العريش هو وأبو بكر
خاصة ، وقام سعد بن معاذ بكتيبة الحراسة على باب العريش .
أما المشركون فقد استفتح أبو جهل في ذلك اليوم فقال : اللهم أقطعنا
للرحم وآتانا بما لا نعرفه ، فأحنه الغداة ، اللهم أينا كان أحب إليك وأرضى
عندك فانصره اليوم ، وفي ذلك أنزل الله "إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح وإن
تنتهوا فهو خير لكم وإن تعودوا نعد ولن تغني عنكم فئتكم شيئاً ولو كثرت وإن
الله مع المؤمنين "
ساعة الصفر وأول وقود المعركة.
وكان أول وقود المعركة الأسود بن عبد الأسد المخزومي _ وكان رجلاً شرساً
سيء الخلق _ خرج قائلاً : أعاهد الله لأشربن من حوضهم ، أو لأهدمنه ، أو
لأموتن دونه . فلما خرج إليه حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه ، قلما
التقيا ضربه حمزة ، فأطن قدمه بنصف ساقه وهو دون الحوض ، فوقع على ظهره
تشخب رجله دماً نحو أصحابه ثم حبا إلى الحوض حتى اقتحم فيه ، يريد أن تبر
يمينه ولكن حمزة ثنى عليه بضربة أخرى أتت عليه وهو داخل الحوض .
المبارزة
وكان هذا أول قتل أشعل نار المعركة ، فقد خرج بعده ثلاثة من خيرة فرسان
قريش كانوا من عائلة واحدة ، وهم عتبة وأخوه شيبة ابنا ربيعة ، والوليد بن
عتبة ، فلما انفصلوا من الصف طلبوا المبارزة فخرج إليهم ثلاثة من شباب
الأنصار ، عوف ومعوذ ابنا الحارث _ وأمهما عفراء _ وعبد الله بن رواحه ،
فقالوا : من أنتم ؟ قالوا : رهط من الأنصار . قالوا : أكفاء كرام ، مالنا
بكم حاجة ، وإنما نريد بني عمنا ، ثم نادى مناديهم : يا محمد ، أخرج إلينا
أكفاءنا من قومنا ، فقال رسول الله(صلى الله عليه وسلم) : قم يا عبيدة بن
الحارث ، وقم يا حمزة ، وقم يا علي ، فلما قاموا ودنوا منهم ، قالوا : من
أنتم ؟ فأخبروهم ، فقالوا : أنتم أكفاء كرام ، فبارز عبيدة _ وكان أسن
القوم _ عتبة بن ربيعة ، وبارز حمزة شيبة ، وبارز علي الوليد ، فأما حمزة
وعلي فلم يمهلا قرنيهما أن قتلاهما ، وأما عبيدة فاختلف بينه وبين قرنه
ضربتان ، فأثخن كل واحد منهما صاحبه ، ثم كر علي وحمزة على عتبة فقتلاه
واحتملا عبيدة ، وقد قطعت رجله ، فلم يزل صمتاً حتى مات بالصفراء بعد أربعة
أو خمسة أيام من وقعة بدر ، حينما كان المسلمون في طريقهم إلى المدينة .
وكان علي يقسم بالله أن هذه الآية نزلت فيهم : "هذان خصمان اختصموا في ربهم "
أصل القصة رواها البخاري (4374/4375)
الهجوم العام
وكانت نهاية هذه المبارزة بداية سيئة بالنسبة إلى المشركين ، فقدوا
ثلاثة من خيرة فرسانهم وقادتهم دفعة واحدة ، فاستشاطوا غضباً ، وكروا على
المسلمين كرة رجل واحد .
وأما المسلمون فبعد أن استنصروا ربهم ، واستغاثوه ، وأخلصوا له ،
وتضرعوا إليه تلقوا هجمات المشركين المتوالية ، وهم مرابطون في مواقعهم ،
واقفون موقف الدفاع ، وقد ألحقوا بالمشركين خسائر فادحة ، وهم يقولون : أحد
أحد .
الرسول(صلى الله عليه وسلم) يناشد ربه
وأما رسول الله(صلى الله عليه وسلم) فكان منذ رجوعه بعد تعديل الصفوف
يناشد ربه ما وعده من النصر ، ويقول : "اللهم أنجز لي ما وعدتني ، اللهم
إني أنشدك عهدك ووعدك ". حتى إذا حمي الوطيس واستدارت رحى الحرب بشدة ،
واحتدم القتال ، وبلغت المعركة قمتها ، قال : "اللهم إن تهلك هذه العصابة
اليوم لا تعبد ، اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم أبداً ". وبالغ في
الابتهال حتى سقط رداؤه عن منكبيه ، فرده عليه الصديق ، وقال : حسبك يا
رسول الله ، ألححت على ربك .رواه مسلم (1763)
وأوحى الله إلى ملائكته "أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ
آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ "وأوحى إلى
رسوله : "أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ "أي
ردف لكم ، أو يردف بعضهم بعضاً إرسالاً ، لا يأتون دفعة واحدة .
نزول الملائكة
وأغفى رسول الله(صلى الله عليه وسلم) إغفاءة واحدة ، ثم رفع رأسه فقال :
أبشر يا أبا بكر هذا جبريل على ثناياه النقع ( أي الغبار ) وفي رواية محمد
بن إسحاق : قال رسول الله(صلى الله عليه وسلم) : "أبشر يا أبا بكر ، أتاك
نصر الله هذا جبريل آخذ بعنان فرسه يقوده ، على ثناياه النقع " رواه
البخاري (3995)
ثم خرج رسول الله(صلى الله عليه وسلم) من باب العريش ، وهو يثب في
الدرع ويقول : "سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ "ثم أخذ حفنة
من الحصباء ، فاستقبل بها قريشاً وقال : شاهت الوجوه ، ورمى بها في وجوههم ،
فما من المشركين أحد إلا أصاب عينه ومنخريه وفمه من تلك القبضة ، وفي ذلك
أنزل الله : "وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى ".
الهجوم المضاد
وحينئذ أصدر إلى جيشه أوامره الأخيرة بالهجمة المضادة فقال : "شدوا "،
وحرضهم على القتال ، قائلاً : "والذي نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل
فيقتل صابراً محتسباً مقبلاً غير مدبر إلا أدخله الله الجنة "وقال وهو
يحضهم على القتال : "قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض "، ( وحينئذ )
قال العمير بن الحمام : بخ بخ ، فقال رسول الله(صلى الله عليه وسلم) : ما
يحملك على قولك : بخ بخ ؟ قال : لا ، والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون
من أهلها ، قال : فإنك من أهلها . فأخرج تمرات من قرنه ، فجعل يأكل منهن ،
ثم قال : لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة ، فرمى بما كان
معه من التمر ، ثم قاتلهم حتى قتل .رواه مسلم (1901)
وكذلك سأله عوف بن الحارث _ ابن عفراء _ فقال : يا رسول الله ما يضحك
الرب من عبده ! قال غمسه يده في العدو حاسراً ، فنزع درعاً كانت عليه ،
فقذفها ، ثم أخذ سيفه فقاتل القوم حتى قتل .
رواه ابن أبي شيبة (19499) من طريق معاذ بن عفراء .
وحين أصدر رسول الله(صلى الله عليه وسلم) الأمر بالهجوم المضاد كانت
حدة هجمات العدو قد ذهبت ، وفتر حماسه ، فكان لهذه الخطة الحكيمة أثر كبير
في تعزيز موقف المسلمين ، فإنهم حينما تلقوا أمر الشد والهجوم _ وقد كان
نشاطهم الحربي على شبابه _ قاموا بهجوم كاسح مرير ، فجعلوا يقلبون الصفوف ،
ويقطعون الأعناق ، وزادهم نشاطاً وحدة أن رأوا رسول الله(صلى الله عليه
وسلم) يثب في الدرع في جزم وصراحة "سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ
الدُّبُرَ "فقاتل المسلمون أشد القتال ، ونصرتهم الملائكة .
ففي رواية ابن سعد عن عكرمة قال : كان يومئذ يندر رأس الرجل لا يدري من
ضربه ، وتندر يد الرجل لا يدري من ضربها ، وقال ابن عباس : بينما رجل من
المسلمين يشتد في إثر رجل من المشركين أمامه إذ سمع ضربة بالسوط فوقه ،
وصوت الفارس يقول : أقدم حيزوم فنظر إلى المشرك أمامه ، فجاء الأنصاري فحدث
بذلك رسول الله(صلى الله عليه وسلم) ، فقال : صدقت ذلك من مدد السماء
الثالثة .
وقال أبو داود المازني : إني لأتبع رجلاً من المشركين لأضربه إذ وقع
رأسه قبل أن يصل إليه سيفي ، فعرفت أنه قد قتله غيري .رواه مسلم (1763) .
وجاء رجل من الأنصار للعباس بن عبد المطلب أسيراً ، فقال العباس : إن
هذا وا
غزوات الرسول والنبى الكريم (سيدنا محمد) اللهم صلى عليه وسلم بالشرح المفصل وبالصور
[center][center]<blockquote>6- غزوة بنى سُليم</blockquote>
<blockquote>كانت
في شوال من السنة الثانية للهجرة، بعد غزوة بدر بسبعة أيام، حيث انتهزت
بعض القبائل حول المدينة الفرصة بسبب انشغال المسلمين في حربهم مع المشركين
بعد بدر، فأرادت أن تشن الحرب على المسلمين في ديارهم، إلا أنه وبعد وصول
الأنباء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأن "بني سليم" من قبائل غطفان حشدت
قواتها لغزو المدينة، سار إليهم في مائتي راكب، وقد استخلف رسول الله صلى
الله عليه وسلم على المدينة سِبَاعَ بن عَرْفَطَةَ، وعندما وصل المسلمون
منازل بني سليم في موضع يقال له "الكُدْر" وهو موضع في بلاد بني عامر بن
صعصعة، فرّ بنو سليم ، وتركوا في الوادي خمسمائة بعير أخذها المسلمون
غنيمةً ، وقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المجاهدين بعد إخراج
الخُمس ، فكان نصيب كل رجل بعيرين، ولم يكن هناك أسرى سوى غلامٍ يقال له : "
يسار " أعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم رجع المسلمون إلى المدينة
منتصرين غانمين بعد بقائهم في ديار القوم ثلاثة أيام .
فكانت هذه الغزوة درساً قوياً، ورسالةً واضحةً لكل من تسول له نفسه من القبائل الحاقدة والمريضة النيل من الإسلام ودولته الفتية. </blockquote>[/center]
[/center]
----------------------------
[center]<blockquote>7- غزوة بنى قينُقاع</blockquote>
<blockquote>[center]من هم
بنوقينقاع هم إحدى طوائف اليهود الثلاث الذين كانوا نزلوا المدينة النبوية
قبل الإسلام بزمن طويل فراراً من اضطهاد الروم لهم وانتظارا للبنوة
المحمدية المبشر بها في التوراة والإنجيل ، ولما حل النبى صلى الله عليه
وسلم بالمدينة مهاجراً السنة الماضية أي الأولى من الهجرة عاهدهم معاهدة
سلم وحسن جوار وقد تقدمت وثيقتها تحمل نصوص موادها .
الرسول يحذرهم
وقد نافق كثير من أخبارهم ووالوا المشركين في الخفاء وكانوا يتربصون بالنبى
صلى الله عليه وسلم وأصحابه الدوائر ، ولما خرج النبي صلى الله عليه وسلم
إلى بدر فرحوا ظناً منهم أن المسلمين سيهزمون ، وتخضد شوكتهم ، ويأفل نجم
قوتهم ، ولما كان النصر للمسلمين والهزيمة للمشركين ، شرقوا بريقهم ،
وكثروا عن أنيابهم ، وقالوا قالة السوء .
فما كان من الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم إلا أن جمعهم في سوق بنى قينقاع
، وقال لهم في جملة ما قال : احذروا ما نزل بقريش وسالموا فإنكم قد عرفتم
أني نبي مرسل ) فقالوا - في وقاحة - يا محمد لا يغرنك أنك لقيت قوماً لا
علم لهم بالحرب فأصبت منهم فرصة ، إنا والله لئن حاربتنا لتعلمن انا نحن
الناس ونزل رداً على مقالتهم وتهديدهم من سورة آل عمران قوله تعالي ( قل
للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد قد كان لكم آية في فئتين
التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم رأي العين والله يؤيد
بنصره من يشاء إن في ذلك لأية لأولي الأبصار ) فأمر تعالى رسوله أن يخبرهم
بهزيمتهم الآتية لا محالة ،وقد كانت ،وان مردهم إلى جهنم ،وذكرهم بهزيمة
المشركين أوليائهم على كثرتهم وشدة قوتهم .
سبب الموقعة:
ومضت أيام قلائل وجاءت امرأة مسلمة بجلب لها فباعته بالسوق ، ومالت إلى
صائغ يهودي لتشترى منه مصاغاً فجلست وحوله يهود فعابوا عليها لستر وجهها
،وطالبوها بكشف وجهها ، فأبت ذلك حفاظاً على عفتها ،وصيانة لشرفها ،ومن أن
تبذل وجهها ينظر إليها غير محارمها ، فما كان من أحد أولئك اليهود عليهم
لعائن الله إلا أن غافلها وربط طرف درعها من أسفله بطرف خمارها ، فلما قامت
انكشفت عورتها فصاحت واكشفتاها فسمعها رجل مسلم فهب إليها فرأى ما بها
فضرب اليهودي ضربة قتله بها ، وقام يهود فاشتدوا على المسلم فقتلوه فمات
شهيداً رضى الله عنه وأرضاه هب رجال من المسلمين للحادث فاقتتلوا مع اليهود
نقضهم للعهد:
وبهذا نقض يهود بني قينقاع عهدهم ، وطرحوا معاهدتهم فنزلوا حصونهم فتحصنوا
بها فغزاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحاصرهم نصف شهر حتى نزلوا من
حصونهم على حكمة فتحصنوا بها فغزاهم بها فغزاهم رسول الله صلى الله عليه
وسلم فكتفوا أي ربطوا بجبال في أيديهم وأرجلهم لقتلهم بموجب بنود المعاهدة
المعقودة بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبل تنفيذ الحكم فيهم
توسط في خلاصهم والعفو عنهم حليفهم عبدالله بن أبي كبير المنافقين بردائه
صلى الله عليه وسلم وانتهر ابن أبي وقال له (ويحك أرسلني ) اذ قد اخذ
المنافق لا أرسلك حتى تحسن إلى موالى ، وهم أربعمائة حاسر أي بدون دروع.
وثلاثمائة ارع قد منعوني من الأحمر ، والأسود تحصدهم في غداة واحدة وإني
والله لأخشى الدوائر فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( هم لك خلوهم ) لعنهم
الله ولعنهم . وانزل الله تعالي فيه لعنه الله قوله ( هم لك الذين آمنوا لا
تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن
الله لا يهدى القوم الظالمين ، فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم
يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى دائرة الله أن يأتي بالفتح أو أمر من
عنده فيصبحوا على ما اسروا في أنفسهم نادمين ) وجاء عبادة بن الصامت وكان
مرتبطا بحلف مع يهود بني قينقاع فقال ، يا رسول الله أتولى الله ورسوله
والمؤمنين ،وأبرأ من حلف هؤلاء الكفار وولايتهم فكان معنياً بقول الله
تعالي ( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا ) وبقوله تعالي (ومن يتول
الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون).
العفو عنهم:
ولما أطلقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشفاعة ابن أبي خرج بهم عبادة بن
الصامت إلى أن وصل بهم ذباباً ثم ساروا وحدهم إلى أذرعات من الشام ،ولم
يلبثوا غلا قليلا حتى هلكوا .ولما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فغزوهم
في حصونهم ولى على المدينة أبا لبابة الأنصاري وأعطى لواءه حمزة بن عبد
المطلب رضى الله عنه .
ولما أجلى بنو قينقاع قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم أموالهم واخذ خمس
الغنيمة ليفقه فيما أمر الله تعالي أن يفقه فيه حيث نزلت سورة الأنفال
وفيها قول الله تعالى ، ( واعلموا أنما غنمتهم من شئ فإن لله خمسة وللرسول
ولذى القربي واليتامي والمساكين وابن السبيل ) .</blockquote>
[/center]
----------------------------
[center]<blockquote>8- غزوة الـسويق</blockquote>
<blockquote>وكانت
في الخامس من ذي الحجة من السنة الثانية للهجرة، حيث خرج أبو سفيان من مكة
في مائتي راكب، وذلك بعد أن قرر أن يفاجيء المدينة بغارة خاطفة يعود بعدها
وقد ردَّ لقريش بعض سمعتها وهيبتها التي ذهبت في هزيمة بدر، فلما وصل أبو
سفيان إلى أطراف المدينة، لجأ إلى بني النضير ليتدارس معهم كيفية الكيد
برسول الله وأصحابه، فهجم برجاله على منطقة يقال لها العريض، وحرقوا بعض
النخيل، وقتلوا رجلاً من الأنصار وحليفًا له في بستان لهما، وكل ذلك في جنح
الظلام، ثم لاذوا بالفرار عائدين إلى مكة، فكان عملهم أشبه بالقرصنة، فلما
علم الرسول بذلك الأمر تعقبه في مائتي رجل من المهاجرين والأنصار، ولكنه
لم يتمكن من إدراكهم، وجعل أبوسفيان وقومه يرمون ما معهم من المؤن والزاد
يتخففون به ليستطيعوا الهروب من غير عائق، وكان أكثر ما معهم السويق، وهو
نوع من أنواع الأطعمة التي كانوا يأكلونها، فألقوا سويقًا كثيرًا كان غنيمة
للمسلمين، ولذلك سميت هذه المناوشة بغزوة السويق، وقد تمكن أبو سفيان من
الهرب، وأفلت من العقاب، وعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة
بعد أن غاب عنها خمسة أيام دون أن يلقى حرباً.</blockquote>
[center]<blockquote>ومصدر أخر يقول :</blockquote>
في الخامس من ذي الحجة من السنة الثانية للهجرة، حيث خرج أبو سفيان من مكة
في مائتي راكب، وذلك بعد أن قرر أن يفاجيء المدينة بغارة خاطفة يعود بعدها
وقد ردَّ لقريش بعض سمعتها وهيبتها التي ذهبت في هزيمة بدر، فلما وصل أبو
سفيان إلى أطراف المدينة، لجأ إلى بني النضير ليتدارس معهم كيفية الكيد
برسول الله وأصحابه، فهجم برجاله على منطقة يقال لها العريض، وحرقوا بعض
النخيل، وقتلوا رجلاً من الأنصار وحليفًا له في بستان لهما، وكل ذلك في جنح
الظلام، ثم لاذوا بالفرار عائدين إلى مكة، فكان عملهم أشبه بالقرصنة، فلما
علم الرسول بذلك الأمر تعقبه في مائتي رجل من المهاجرين والأنصار، ولكنه
لم يتمكن من إدراكهم، وجعل أبوسفيان وقومه يرمون ما معهم من المؤن والزاد
يتخففون به ليستطيعوا الهروب من غير عائق، وكان أكثر ما معهم السويق، وهو
نوع من أنواع الأطعمة التي كانوا يأكلونها، فألقوا سويقًا كثيرًا كان غنيمة
للمسلمين، ولذلك سميت هذه المناوشة بغزوة السويق، وقد تمكن أبو سفيان من
الهرب، وأفلت من العقاب، وعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة
بعد أن غاب عنها خمسة أيام دون أن يلقى حرباً.</blockquote>
[center]<blockquote>ومصدر أخر يقول :</blockquote>
<blockquote>سببها</blockquote>
قال أبوسفيان للنبى (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه بعد غزوة بدر الكبرى :
موعدنا بدراً عاما قابلاً فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) لأصحابة قولوا
له نعم فقالوا : نعم إن موعدنا معك العام القابل فلما آن أوان الموعد
استخلف النبى (صلى الله عليه وسلم) على المدينة عبد الله بن رواحة أو عبد
الله بن عبد الله بن أبى بن سلول وخرج في ألأف وخمسمائة مقاتل وسار حتى وصل
بدراً وكان بها سوق كبيرة تقام سنوياً ولذا واعد أبو سفيان فيها النبى
(صلى الله عليه وسلم) وأصحابه فباع النبى (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه
واشتروا فربحوا ضعف رأس المال إذ ربح الدرهم درهمين وعادوا لم يمسسهم سوء.
أبو سفيان يخشى الهزيمة:
و أبو سفيان لما خرج برجاله ووصل إلى قريب من عسفان رأى أنه لا فائدة من
الحرب وخاف الهزيمة فخطب فى رجاله فقال : إن هذا العام عام جدب ولايصلح لكم
إلا عام خصب فلذا أرى أن تعودوا فأكلوا أزوادهم وكانت سويقاً ورجعوا فقال
أهل مكة ينحون عليهم باللائمة كأنكم ما خرجتم للقتال وإنما خرجتم لأكل
السويق فسميت هذه الغزوة أيضا بغزوة السويق .
وقال في هذه الغزوة كعب بن مالك شعراً منه وقله :
وعدنا أبا سفيان بدراً فلم نجد *** لميعاده صدقاً وما كان وافياً
فأقسم لو وافيتنا فلقيتنــا *** لأبت ذميماً وافتقدت المواليا
تركنا به أوصال عتبة وابنه *** وعمراً أباجهل تركناه ثاويا
عصيتم رسول الله أف لدينكم *** وأمركم السبى الذى كان غاويا
فإنى وإن عنفتمونى لقائل *** فدى لرسول الله أهلى وماليا
أطعناه فلم نعدله فينا بغيره *** شهاباً لنا فى ظلمة الليل هاديا
[/center]
----------------------------
[center]<blockquote> 9- غـزوة ذى أمَرَ</blockquote>
<blockquote>كانت
في شهر ربيع الأول من السنة الثالثة للهجرة، حيث خرج النبي صلى الله عليه
وسلم في أربعمائة وخمسين رجلاً ما بين راكب وراجل، وذلك بعد علمه بأنّ
جمعاً من غطفان قد تجمّعوا يريدون الإغارة على أطراف المدينة، يتزعمهم
دعثور بن الحارث ابن محارب ، فاستخلف النبي صلى الله عليه وسلم على
المدينة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وفي أثناء الطريق قبض المسلمون على
رجل يقال له جبار من بني ثعلبة فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام
فأسلم، وصار دليلاً للجيش إلى بلاد العدو، وهرب هؤلاء الأعراب من النبي
صلى الله عليه وسلم وتفرقوا في رؤوس الجبال، ونزل صلّى الله عليه وآله
وسلّم مكان تجمعهم وهو الماء المسمى بذي أمر فعسكر به قريباً من الشهر،
ليُشعِر الأعراب بقوة المسلمين ويستولي عليهم الرعب والرهبة.</blockquote>
في شهر ربيع الأول من السنة الثالثة للهجرة، حيث خرج النبي صلى الله عليه
وسلم في أربعمائة وخمسين رجلاً ما بين راكب وراجل، وذلك بعد علمه بأنّ
جمعاً من غطفان قد تجمّعوا يريدون الإغارة على أطراف المدينة، يتزعمهم
دعثور بن الحارث ابن محارب ، فاستخلف النبي صلى الله عليه وسلم على
المدينة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وفي أثناء الطريق قبض المسلمون على
رجل يقال له جبار من بني ثعلبة فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام
فأسلم، وصار دليلاً للجيش إلى بلاد العدو، وهرب هؤلاء الأعراب من النبي
صلى الله عليه وسلم وتفرقوا في رؤوس الجبال، ونزل صلّى الله عليه وآله
وسلّم مكان تجمعهم وهو الماء المسمى بذي أمر فعسكر به قريباً من الشهر،
ليُشعِر الأعراب بقوة المسلمين ويستولي عليهم الرعب والرهبة.</blockquote>
[/center]
----------------------------
<blockquote>[center] 10 - غـزوة بحران
</blockquote> <blockquote>وكانت
هذه الغزوة في شهر جمادى الأولى من السنة الثالثة للهجرة، وقد خرج النبي
صلى الله عليه وسلم في ثلاثمائة من المسلمين حتى بلغ بحران بين مكة
والمدينة، يريد قتال بني سليم فوجدهم قد تفرقوا، فانصرف عنهم، ولم ينشب
قتال بينهم، ثم عاد إلى المدينة بعد أن أمضى خارجها عشر ليالٍ .
ونلحظ في هذه الغزوات قدرة القيادة الإسلامية على رصد تحركات العدو، ومعرفة
قوته، وخططه، لكي تحطم وتشتت هذه التجمعات التي تشكل خطراً جسيماً على
الفئة المؤمنة، وعلى المدينة.
وكانت تلك الغزوات بمثابة الدورات التدريبية والتربوية للصحابة الكرام، حيث
كانت بصحبة النبي صلى الله عليه وسلم، ومن خلالها يتربى فيها الجنود على
السمع والطاعة، ويتمكنون من تعلم فنون القتال، ويكتسبون خبرات جديدة تعينهم
على الوقوف أمام أعداء الله.</blockquote>
هذه الغزوة في شهر جمادى الأولى من السنة الثالثة للهجرة، وقد خرج النبي
صلى الله عليه وسلم في ثلاثمائة من المسلمين حتى بلغ بحران بين مكة
والمدينة، يريد قتال بني سليم فوجدهم قد تفرقوا، فانصرف عنهم، ولم ينشب
قتال بينهم، ثم عاد إلى المدينة بعد أن أمضى خارجها عشر ليالٍ .
ونلحظ في هذه الغزوات قدرة القيادة الإسلامية على رصد تحركات العدو، ومعرفة
قوته، وخططه، لكي تحطم وتشتت هذه التجمعات التي تشكل خطراً جسيماً على
الفئة المؤمنة، وعلى المدينة.
وكانت تلك الغزوات بمثابة الدورات التدريبية والتربوية للصحابة الكرام، حيث
كانت بصحبة النبي صلى الله عليه وسلم، ومن خلالها يتربى فيها الجنود على
السمع والطاعة، ويتمكنون من تعلم فنون القتال، ويكتسبون خبرات جديدة تعينهم
على الوقوف أمام أعداء الله.</blockquote>
[/center]
----------------------------
Similar topics
» رجال حول الرسول اللهم صلى عليه وسلم
» سلسه أزواج النبى (اللهم صلى عليه وسلم ) أمهـــــــــات المؤمنين
» أسماء الرسول صلى الله عليه وسلم ومعانيها..
» حكم تسجيل الحضور بالصلاة على سيدنا محمد
» صور الرسول مهم جداااااا لا تفوتكم
» سلسه أزواج النبى (اللهم صلى عليه وسلم ) أمهـــــــــات المؤمنين
» أسماء الرسول صلى الله عليه وسلم ومعانيها..
» حكم تسجيل الحضور بالصلاة على سيدنا محمد
» صور الرسول مهم جداااااا لا تفوتكم
Page 1 of 1
Permissions in this forum:
You cannot reply to topics in this forum